المقدمة

مِن الأهمية دراسة تطوّر مفهوم المجتمع المدنيّ في سياقٍ جدليّ؛ يأخذُ بالاعتبارِ تطوّرَ المجتمعاتِ الديمقراطيةِ الحديثةِ وانتشار مفهومِ سيادة القانون، بالتوازي مع تكرّس الاتجاهات الفكريّة والفلسفيّة الأكثر رسوخًا في الوعي الإنساني حول العلاقة بين الدولة والمجتمع. ابتداءً من فلاسفة عصر التنوير الأوربيّ مرورًا بالفلسفة الهيغليّة، وصولًا إلى الانعطافة الغرامشيّة التي أثّرت ورسّخت، بل وقامت بتأطير مفهوم المجتمع المدنيّ، بمقابل الدولة الحديثة. 

وبالتوازي يستعرض أهمّ الأحداثِ والثوراتِ والاحتجاجاتِ التي أسهمتْ في بلورة المفهوم كممارسةٍ عمليّة للشعوب، وفقَ سياقٍ زمنيٍّ تسلسليّ يرسم للمفهوم إطارًا نظريًا وعمليًا في آنٍ معًا. مع الإشارةِ إلى أنّ هذا التقسيم للمراحل ما هو إلا تعبيرٌ عن أهمّ المراحل في بلورة التعريف وتأطيرِ المفهوم في الفكر السياسيّ والاجتماعيّ. 

وقبل الخوض في غمار استعراض النظريات الحديثة التي تناولت المفهوم الحديث للمجتمع المدني، من الأهمية بمكان ولضرورة الفهم المتصل زمنياً، الإشارة إلى أن أول ظهور للمجتمع المدني كان في الفلسفة السياسية اليونانية، وبالتحديد لدى كل من أفلاطون وارسطو، الذين تناولوا بالنقاش المفهوم في سياق النظرية السياسية اليونانية حيثما المجتمع مقسم إلى طبقات ثلاث: (احرار وهم المواطنون الذكور، العبيد من ليس لهم أي حقوق، والأجانب المقيمين ممن لهم حقوق محددة). 

اترك تعليق

مشاركة الموضوع

المقدمة

أو نسخ الرابط